ثروات السودان” لا تحصى.. وعين الآسيويين على الخام

خميس, 13/12/2018 - 10:27

المصدر: الخرطوم- عبد العزيز ابراهيم محمد
بينما كانت فرقة “beautiful mind” الكورية تلهب حماس الجماهير المحتشدة في ساحة الفندق الكبير بالخرطوم كانت 5 “نمور آسيوية” تزحم الصالة الضخمة بمنتجات ملونة، وتعرض على الجمهور أطباقا غذائية من إندونيسيا وماليزيا وكوريا والصين والهند، وتوزع هدايا مجانية لرواد المهرجان الآسيوي الخامس الذي استضافته الخرطوم الخميس الماضي.
في الجناح الياباني وقف الأطفال يجربون الألعاب اليابانية التقليدية برفقة مدربة صبورة تساعدهم في فك الطلاسم، بينما انصرفت مشرفة الجناح إلى كتابة تحية الإسلام باللغة اليابانية والعربية وعرضها على الزوار بمرح.
وفي جناح آخر، راحت فتاة من إندونيسيا تعرض الفول السوداني الوارد من بلدها في عبوة صغيرة، بمبلغ دولار واحد، بينما تدفع الشركات الإندونيسية 1300 دولار لطن الفول الخام المنتج في المزارع السودانية.
وتشتري إندونيسيا فولا من السودان بقيمة مليون دولار سنويا.
لكن العرض الفني والهدف الذي من أجله أقيم هذا المهرجان الآسيوي السنوي في الخرطوم، ليس التعريف بالثقافات الآسيوية في قاعات الفندق، ولكن بالحقول السودانية التي تنتج القطن والفول، والسمسم والصمغ والحبوب الزيتية، وغيرها الكثير من الثروات الطبيعية التي لا تحصى.
 
الصين وحقول القطن السودانية
ففي العام 1925 كان الإنجليز “أرباب القطن” بعد أن أنشأوا أكبر مشروع زراعي في العالم آنذاك لزراعة القطن في وسط السودان لإنتاج القطن طويل التيلة لمد مصانع لانكشير بشمال غرب إنجلترا.
وكانت “لانكشير” تعالج 85% من القطن في جميع أنحاء العالم، وكانت حصة الأسد تأتي من السودان، ثم الهند وبقية المستعمرات الإنجليزية
إنما بعد 80 عاماً، حلت الصين مكان إنجلترا في واحدة من أخصب بلدان العالم.
وفي العام الماضي قامت الصين بزراعة 450 ألف فدان ضمن خطة صينية لزراعة مليون فدان بالقطن، وفي هذا الموسم قامت الشركة الصينية للاقطان بتمويل مجموعة من المزارعين لزراعة القطن.
إلى ذلك، أعلن المدير العام لشركة زونق تين الصينية، ليو شوا قونغ، في فبراير من العام الحالي، افتتاح حقل ثان للقطن بالسودان، في منتصف شهر مارس المقبل بطاقة إنتاجية تبلغ 2500 قنطار في اليوم.
وتمتلك شركة “زونق تين” الصينية “محلجاً أسطوانياً” حديثاً لحلج الأقطان في ضاحية مارنجان، 6 كلم جنوبي ودمدني عاصمة ولاية الجزيرة.
وقال قونغ إن التكلفة الكلية للمحلج الثاني بلغت 3 ملايين و600 ألف دولار، قامت زونق تين بتمويل الزراعة في مساحة 12 ألفا و500 فدان بولاية غرب كردفان و10 آلاف و500 فدان في “الجزيرة، المناقل، 24 القرشي، الفاو ووفرت التقاوي المحسنة بتكلفة بلغت 5 مليارات جنية سوداني وفق عقد يلزم المزارع بـ10 قناطير للفدان الواحد.
 
أما على بعد 300 كلم من المعرض الصيني في الفندق الكبير، حيث كانت الصين صاحبة الجناح الأكبر في المهرجان الآسيوي، فكان المزارع عمر أحمد في قرية “ام حجار “جنوب الجزيرة يستعد لشحن محصول القطن لمقر محالج الشركة الصينية.
وفي هذا السياق، قال عمر لـ”العربية.نت” إن الشركة الصينية عندما تمول عشرين فداناً تأخذ في موسم الحصاد ثمن التمويل من القطن الخام، وبعد ذلك تعرض على المزارع مبلغ 3000 جنيه سوداني أي ما يعادل 50 دولاراً أميركياً ثمنا لقنطار القطن.
هكذا تأخذ الشركة الصينية 4 قناطير من القطن الخام من كل فدان تمول زراعته، ثم تشتري بقية المنتج بالسعر الذي حددته، لكن الشركة قد تعلق في لوحة إعلاناتها سعراً أقل كونها المشترى الأكبر.”
يذكر أن الصين ليست وحدها، فالهند وباكستان تنتظران نصيبهما من المنتج الأبيض أيضاً.
وتشتري الهند والصين وباكستان والصين القطن لصناعة خامات القماش الملونة للشركات الكبيرة حول العالم، على أن تعود الملابس الجاهزة مرة أخرى للأسواق السودانية.
 الفول السوداني
السمسم والفول والصمغ والحبوب.. ثروات لا تحصى
لكن القطن ليس وحده هدف تلك الشركات الآسيوية، فعيونها أيضاً على السمسم والفول السوداني والصمغ والحبوب الزيتية، لا سيما وأن السودان يغطي 80% من احتياجات السوق العالمي من الصمغ العربي و39% من السمسم الأبيض و23% من السمسم الأحمر و60% من الأعلاف وأكثر من 40% من إنتاج الفول السوداني إضافة إلى البذور الزيتية الأخرى.
وبعد الحصار الأميركي على السودان وحظر القطاع المصرفي السوداني، وجدت الشركات الآسيوية الفرصة السانحة في المواد الخام زهيدة الثمن.
آسيا محطة المواد الخام
وتذهب محاصيل “ومنتجات السودان الطبيعية والزراعية المذكورة أعلاه” إلى عدة دول.
فالهند، على سبيل المثال، تشتري طن السمسم بقيمة 1750دولارا من الأسواق السودانية، ثم تعيد تشكيله مرة أخرى في مصانعها، حيث ينقع في أحواض كبيرة للتخلص من القشرة في عملية تسمى “البلتشنق”، ويعاد تصديره بسعر مضاعف إلى الدول الأوروبية حيث يستخدم في المخبوزات ويدخل في منتجات أخرى.
أما اليابان فعينها على فول الصويا الذي تعتمد عليه في إنتاج البروتين النباتي. ففي عام 2016 أقرت الحكومة اليابانية مبلغ 630 ألف دولار لتمويل مشروع لإنتاج فول الصويا. وناشد السفير الياباني الحكومة السودانية التأقلم مع “المحصول الثمين”.
وتعتبر اليابان ثالث مستورد لفول الصويا من الولايات المتحدة بعد الصين والمكسيك.
أمام هذا الواقع يبقى السؤال، هل تشتري الشركات الآسيوية المنتجات الزراعية الخام بسعر عادل؟
في إجابة بسيطة، إنما قد تعطي صورة عن الواقع، يقول الفلاح بشير الذي عرض منتجه من الفول السوداني أمام عدسة “العربية.نت” إن سعر الفول هبط فجأة، لكنه لا يعرف السبب وراء ذلك، لكن ليس بوسعه الانتظار حتى يرتفع مرة أخرى كي يبيع، فهو بحاجة ماسة للمال لدفع تكاليف زراعته، وثمن الحصاد، لذلك سوف يضطر للبيع للشركات بالسعر الذي تحدده.
المصدر: (العربية نت)

 

تصفح أيضا...