تعليق على جزء التراويح "12" / الدكتور إفاه ولد الشيخ ولد مخلوك ـ المدينة المنورة

أحد, 27/05/2018 - 22:29

التراويح "12"

إنه عام الحزن والقلاقل بمكة المكرمة إبان دعوة الحق ومبعث الهادي الأمين؛ وإن السور المسماة على أنبياء الله المرتبة نزولا بالمصحف الشريف هذه آخرهم "سورة يوسف" التي تقص خبره وذكر فيها بالاسم أكثر من ثلاثين مرة؛ إنها "أحسن القصص" مفتتحة كسابقاتها ب "الر" وكأن ذلك إيذانا بموضوع موحد بينهن "أي السور الثلاثة " تنويها بعظمة القرآن والحض على تعقله وتدبره "إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون" وسورة يوسف مرتبطة بهود ارتباطا وثيقا يتضح في تبيان خاتمة هود "وكلا نقص عليك ..." وهنا "نحن نقص عليك " وبهود الاخبار بعدم معرفة القصص هذه "تلك من أنباء الغيب .." وهنا "ذلك من أنباء الغيب .." وهود تبين الظلم الخارجي إن صح التعبير ويوسف تبين الظلم الداخلي "الإخوة " وكلاهما به بشارة "...ابراهيم بالبشرى " وهنا "...أن جاء البشير " وتلك لعمرى من خصائص الوحي وترابطه وإعجازه وبلاغته .

إن السورة لتبين- تثبيتا لقلب النبي صلى الله عليه وتهوينا عليه -أن النصر والتمكين قادم ولو بعد حين ؛لتكون بداياتها كلها مصاعب وأحزان وخاتمتها كلها ملك وتمكين وأفراح؛وذلك إرشاد للناس في حياتهم إلى يوم الدين .

وتقص عفة الشباب وفوائدها عليهم معنوية ومادية "إنه ربي أحسن مثواي ..." وتبين جوانب الحسد في البشر وأخذ الحيطة منهم بخبرة الأكابر وأهل المحبة "لاتقصص رؤياك .." وفي الكوكب والشمس والقمر نكات هي الأخرى من حيث الكم والكيف؛ كما تبين السورة في حرصها على تسمية "امرأة العزيز " بغير الاسم الرسمي لها لأن الفعلة مستقبحة وخطيرة جدا؛وأن الخلوة مع الرجال غير المحارم جالبة للويل والعار؛وأن سنة الله في المرأة مطلوبة لا طالبة؛وتوضح بجلاء تقاهة أغلب مجالس النساء في مجوماعاتهم الفيسبوكية والواتسابية وعلى موائدهم وعلى أشكالها تقع الطيور .

بيد أن إرشادات ونصائح الوالدين عزة ورفعة ونجاة "وقال يابني... " ...من حيث أمرهم أبوهم.. " وليست المصارحة في المعتقد والسلوك جالبة إلا العزة والنجاح؛ ملفتة لسلطة تتملكها هذه المرأة على زوجها تأمره فيطيع؛فيظلم وتكثرالمشاكل بالبيت؛ وبسورة يوسف تشريع للعب واللهو و"كسر الروتين " نرتع ؛نلعب ؛نستبق؛ ملهمة في الوقت نفسه أن مصدر الحزن قد يكون مصدرا للفرح كما في "ثوب يوسف" مع مشاعر "يعقوب " عليهما السلام .

وليبين القصص فوائد الثقة بالنفس ومن المعلومة الصحيحة "قضي الأمر الذي فيه تستفتيان " وهكذا قضاء الله وقدره نافذ ونصرته لعباده المتقين محيرة "مرحلة السجن " ولم تكن الحيلة للخير معصية يوما "صواع الملك " والصبر مفتاح المكارم والمحامد "فأسرها يوسف " وهكذا القيادة والريادة والعزة "لا تثريب عليكم ..." وذكر نعم الله وتذكرها خصلة إيمانية "رب قد آتيتني من الملك ..."ذكر الرسل ومالاقوه في ختام السورة من أهدافها الجوهرية المرحلية "حتى إذا استيئس الرسل .." وتلك عبر لأولي الألباب . الرعد :

إنها السور المدنية تغاير افتتاحيات ماقبلها بزيادة "الميم " المر " لتكون آياتها الأول عن الإيمان بالله وصدق كتابه العزيز ؛وأن ربنا سبحانه هو المدبر المفصل للآيات كلها "الأرض "الليل "النهار (الله الذي رفع السموات بغير عمد ...) ومن بعدها ذكر لمجموعة من النقائض زادت على الثلاثين نقيضا؛ وحتى الرعد ذكر بضديه "السحاب " الجالبة للخير ؛والصاعقة المهلكة؛ وماذاك إلا عظمة للخالق وتبيانا لقدرته التي شكك فيها أهل الشرك من عدم البعث "وإن تعجب فعجب قولهم أئذامتنا ..." و معرفة الكون والأرحام المبينة تكذيبا لهم ودعواهم ؛وما أمثلة السورة إلا بلاغا للعاقلين "كذلك يضرب الله الحق ؛"كذلك يضرب الله الأمثال " هنا تكون قيمة الخيرية والسعي للمصلحة؛أما الأنانية والمصالح الضيقة فغثاء وزبد يضيع ويتلاشى بعد حين .

إن الحق الذي تكرر مرارا بلفظه لخصلة كريمة للمجتمعات والأفراد والكيانات أيا تكن وفي أي أزمنة التاريخ ؛حالها حال الصبر والاطمئنان لذكر الله "ألا بذكر الله تطمئن القلوب "

"ولو أن قرءانا سيرت به الجبال" حذف جواب الشرط لتذهب نفس السامع مذاهب شتى وربك علام الغيوب ....ويتجدد هدف السور قبل هذه هنا "ولقد استهزئ برسل من قبلك ..." فكان النصر حليف الأنبياء والرسل ؛وقس عليهم المصلحون في كل زمان ومكان . ولا أعلم هل في السورة مايدل على تقارب الأرض في زماننا حسيا ومعنويا؟"أو لم يروا أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها ...." و تكرار اسم الاشارة (وأولئك الذين كفروا بربهم وأولئك اﻷغلا ل فى أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ...." لا أعلم هل يو جد فى القرآن مثيلا لها؟لأن نكران أمر البعث والغيب من الكفر والسذاجة والتفاهة؛يقاس عليه في حاضرنا؛ جحدان الحقيقة والمسلمات في المعتقد والسلوك والتعاملات . وتختم سورة الرعد بإقرار دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام "ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب " فكانت الخاتمة مشابهة في الافتتاحية من حيث صدق الكتاب وذكره بلفظه أول آية وآخرها "الكتاب" . إن مقاصد السور متقاربة وقصصهما وتنبيهاتهما لمعينة للحياة والسلوك والتعاملات فردية واجتماعية ودوليا والله يفصل لكم الآيات ولعلكم تسرشدونها وتتعلمون منها .

الدكتور : افاه ولد الشيخ ولد مخلوك

 

تصفح أيضا...