طبائع السائقين ـ تدوينة

جمعة, 23/02/2018 - 18:17

لاتحتاج إلى الكثير من دقة الملاحظة وأنت في زحمة المرور بنواكشوط لتكتشف طبائع البداوة فوضوية وغلظة وجفاء وتعجرفا، وابتعادا عن النظام والانتظام، غير أن هذه الطبائع تختلف باختلاف نوع البداوة التي كان يعيشها السائق أو يعيش فيها
فرعاة الإبل لايصبرون على الشارع فتراهم يتبعون السبل الفرعية يمينا وشمالا، غير عابئين بنظام السير في الشارع، ولابوعورة الطرق الرملية المحاذية، وانما همهم تجاوز طابور السيارات من أقرب السبل، ولاعبرة لديهم بإشارات المرور، وهم يتمثلون في ذلك سفينة الصحراء، العابرة لكل سبيل مهما كان وعرا، حتى تصل مبتغاها
بينما تلحظ سلوك أصحاب الغنم وهم يكثرون من التزمير، والدوس على دواسة الوقود في وضع التوقف، منتشين بصوت همهمة المحرك، يسرعون ساعة ويبطؤون أخرى في غير نسق متسق، ويدخلون سياراتهم في كل فجوة ظهرت بين السيارات، مهما كانت ضيقة، أو سببت احتكاكا أو خدوشا للغير، وهم في ذلك متشبهون بسلوك الغنم التي تكثر الثغاء، وتسير في كل اتجاه، فتكثر شواردها وتصعب السيطرة على قطيعها
ولاتجد أهل البقر يراعون حفرة ولامستنقعا، فلايلمسون المكبح إلا نادرا، وهم أكثر من يصدمون السيارات من الخلف، فهم كالبقر يهيمون على وجوههم ونقطة الوصول هي كل همهم 
وهم جميعهم في السياسة وتسيير الشأن العام مثل ذلك
على أن جمال وبساطة البداوة في البادية لاينكره غير مكابر، كما لاينكر أن لأهل البادية في الأنعام جمال حين يريحون وحين يسرحون، أما في المدينة فينقلب جمال البداوة قبحا، وتنقلب بساطتها حوادث وخسائر وفوضى عارمة
فمن أي الأصناف أنت؟

تصفح أيضا...