عن رحيل عبد الرحمن اليوسفي / الدكتور عبد السلام ولد حرمه

جمعة, 29/05/2020 - 21:08

رحيل السيد عبد الرحمن، رحيل لأحد  شواهق رموز النضال الوطني الديمقراطي في البلاد العربية، النضال الجسدي والثقافي والفكري  وتوصيل المشروع السياسي والمجتمعي ضمن فعل تأسيسي وانعطاف مفارق لما هو قائم من أمور سلبية في المجتمع والدولة .
يمثل اليوسفي جيلا - للأسف -  لم يكن عدده كثيرا في منطقتنا وتناقصه في ازدياد مطرد، و اهم ما ميز أصحابه انهم امتلكوا الإحساس المطلوب لذلك الارتباط الوثيق الذي يجب ان يظل قائما بين العمل السياسي وبين الكرامة الشخصية، وجسده في المغرب ثلاثي الاتحاد : المهدي بن بركة في مواقفه المعروفة حين دفع حياته ثمنا لها، وجسده عبد الرحيم بوعبيد في مواقفه ومحاكماته المعروفة، وواصل تجسيده خليفة بوعبيد على راس الاتحاد الاشتراكي عبد الرحمن اليوسفي باستقالته في 19 سبتمبر 1993 فور انتهاء الانتخابات التي عبث بها الجهاز الاداري والمخزني، على الطريقة السيئة المعروفة لدى أجهزة الأنظمة - وليس الدول -   في بلادنا العربية. 
بعد استقالته وبقائه في منفى اختياري لم يعد اليوسفي رحمه الله الا حين قرر الحسن الثاني بحصافته وعمق تحليله الاستراتيجي ان تستيقظ المملكة باكرا امام مطالب تغييرٍ اعاصيره تتشكل في أعالي المحيطات الجيوسياسية القريبة من المغرب والبعيدة منه،  واستدعى اليوسفي وعينه على رأس اول حكومة تناوب 1998.
وبغض النظر عن النقد الكثير الموجه لتجربة التناوب تلك الاولى عربيا فقد هيأت لظروف ومناخ جَنَّبا المملكة مسار زلزال مدمر  ازال دولا  عربية من الخريطة وتُصارع اخرى للخروج من عين اعصاره ، أو تحبس انفاسها خوفا من وصوله   .
رحم الله عبد الرحمن اليوسفي، برحيله  الْيَوْم تطوى مرحلة من النضال الديمقراطي في المملكة المغربية رغم إخفاقاتها حاول صاحبها القيام بثورة هادئة في مجتمعه وحزبه وإن لم يمتلك القدرة دائما على ان يكون ندا عنيدا في مواجهته لمؤسستين عنيدتين، عصيتين : المخزن بإغراءاته وتهديداته:   ( ذَهَبُ المُعزِّ وسيفه) والنخبة السياسية وشهياتها التي لا يُطفئها  غير السلطة: تزلفا او ممارسة .

تصفح أيضا...