رحيل آخر الأسياد .. جرح آخر في وجه "الزر الساحلي / محمدي ولد دهاه

سبت, 23/05/2020 - 10:58

لكل حي في القرية خصوصيته ، لكن "الزر الساحلي" مختلف، هؤلاء قوم يبدأون يومهم في "الحيط" وينهونه، منذ آخر هجرة وبعد أن وضعوا  عصا الترحال وجدوا ضالتهم في رؤية السيد أحمد عليه شآبيب الرحمة ، كان لهم الشيخ و الأب و الطبيب ؛ يخرجون من بيوتهم يسابقون الظل لرؤية القمر زوالا ؛ يسارعون الخطى في ملاحقة خطاه الخفيفة على الأرض وعلى قلوبهم ؛ يقرعون الطبل عند عودته من الحج أو من سفر خارجي للعلاج ، ينافسون "اصبينيات" ، تصدح حناجرهم ب "شيواسُ لخدم لجاهم بلال" ، وتتعالى الزغاريد كلما اقتربت السيارة البيضاء. 

مرت السنون وبقي "الزر الساحلي" كما هو ؛ يعيش على بركة السيد أحمد ومازال، قبل عامين تلقى الحي صفعة مؤلمة؛ قدر الله الذي لاراد له ، أيعقل أن البيت خلا من السيد أحمد ؛ ليلتها بكى الحي كثيرا ؛ هذا الفقد مختلف ، فالسيد و الأب والشيخ اختار جوار الله عنهم ، كم تمنوا اللحاق به وقتها، قلب "آسية" المعلق بالحيط و مجلس "الحيط" انفطر ، هذا كثير عليها، عزاء "الزر الساحلي" الوحيد أن السيد أحمد لم يرحل عنهم فقد ترك لهم سيدا حنونا و كريما، يحمل طباعه وكثير من ملامحه، وكأن السيد أحمد لم يغادر ، دام ذلك العز كما كان ، بسط لهم يده وتولاهم برعايته ، وعادت البسمة ، لكن السيد أيضا اختار جوار الله ؛ أدى الأمانة على أحسن وجه وغادر لرب كريم. 

رحل القاضي والباحث والزاهد ، الشيخ الذي أتته الخلافة منقادة؛ اختار اللحاق بالسلف الصالح، وقدم إلى عمله ، لاحول ولاقوة إلا بالله . 

كما تعود أن يسير وحيدا ويعيش وحيدا ، يلقى ربه في ظرف خاص يطبعه الحظر ، في مثواه الأخير ستحضر الصلاة وتشيعه قلة يحبها وتحبه، أرفع التعازي للمحتاجين و لساكنة "الزر الساحلي" و لأهلنا جميعا ، إنا لله و إنا إليه راجعون.

تصفح أيضا...