كورونا.. فرصة وخطر ! / محمدن ولد حمني

خميس, 02/04/2020 - 17:30

لا يزال العالم في تقلب ينتج تطورا أو إخفاقا ومرد ذلك إلى سنة الله في كونه، فالحكمة من خلق الحياة والموت، أي حياة وموت؛ هي الابتلاء الذي يعكس شخصية الانسان في تعامله مع الكوارث والحوادث والأزمات.

 

فالأزمة وإن كانت تعني الضيق والشدة والقحط (الرازي محمد بن أبي بكر، مختار الصحاح، بيروت دار الكتاب العربي ص 15) فهي كما عند الصينين  مشتملة على عنصر "الخطر" وعنصر "الفرصة" المتمثل في إمكانية تحويل الأزمات وما تحمله من مخاطر إلى فرصة لإطلاق القدرات الابداعية التي تستثمر الأزمة كفرصة لإعادة صياغة الظروف وإيجاد الحلول السديدة (شعلان فهد أحمد، إدارة الأزمات: الأسس-المراحل- الآليات، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، ص 17)

 

والدلائل والآيات القرآنية شاهدة ومؤكدة لهذا المعنى ومن ذاك قوله تعالى: ((وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)) (آل عمران:139) وقوله سبحانه: ((يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ))  [يوسف:87].

 

فعدم الانهزامية والاستسلام والمواصلة في عمل الخير مبادئ أسس لها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة منها ما رواه أحمد (12902)، والبخاري في "الأدب المفرد" (479) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا )

 

فالأزمة إذا تعرف حسب رضا رضوان بأنها: "فترة حرجة أو حالة غير مستقرة تنتظر تدخلا أو تغييرا فوريا". (رضا عبد الحكيم، الأمن والحياة، أكاديمية نايف العريية للعلوم الأمنية، ص 44) 

 

ومن هذا التعريف و التعاريف السابقة تستشف أهمية الأزمات في تاريخ الشعوب التي تتعامل معها كفرصة لا كخطر؛ وهو ما يحتم علينا أن نتساءل في هذه العجالة التي قد تكون نواة للكتابة عن الموضوع من جميع زواياه عن الأسس القانونية للتكيف مع الأزمات والمخاطر الصحية؟ ثم نتعرض للإخفاقات القانونية التي سبقت الأزمة -كورنا- ومازالت تسايرها لنختم بتعاطي المواطن مع النظم القانونية والقرارات الاحترازية.

 

فبالإجابة على هذه الاشكاليات والتساؤلات التي سنتعرض لها لاحقا نكون قد حددنا مستوى رقي و وعي شعبنا وحكومتنا فالقانون كما يقال مرآة المجتمع.

 

 

أولا: الأسس القانونية المنظمة لأحكام أزمة كورنا

 

 

بعيدا عن إشكالية "هل المعرفة تخلق الواقع أم أنها نتاجه" التي أثارت الخلاف بين هيجل ورواد الفلسفة الماركسية (بتول قاسم ناصر، القانون المطلق، دار الفرابي بيروت، ص 63)

 

والتي لا تبتعد من حيث الدلالة مع "هل يتطور القانون أم يطور" التي ناقشها "التيجاني عبد القادر حامد" في كتابه "أصول الفكر السياسي في القرآن المكي" (انظر ص32)

 

بعيدا عن كل هذه الاشكاليات فإن النصوص و الاجراءات المنظمة لكيفية التعامل مع المستجدات والأزمات الصحية كانت موجودة (أ) ومنها ما نص القانون على إيجاده في حالة حلولها (ب)

 

 

أ- النصوص والتدابير القانونية المتعلقة بالتعامل مع الأوبئة وحالة الطوارئ الصحية

 

تختلف النصوص المنظمة للتعامل مع المستجدات الصحية من حيث تراتبيتها (1) وكذا من حيث آثارها(2)

 

1- من حيث تراتبيتها: تخضع كل هذه النصوص لمبدأ المشروعية و الهرمية لذا يتربع الدستور أعلى الهرم ثم الاتفاقيات والقوانين والأنظمة.. 

 

- الدستور: يخول الدستور حسب المادة 71 منه للرئيس إعلان حالة الطوارئ فقد نصت المادة على أن: "اﻻﺣﻜﺎم اﻟﻌﺮﻓﻴﺔ وﺣﺎﻟﺔ اﻟﻄﻮارئ ﻳﻘﺮها رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻟﻤﺪة أﻗﺼﺎها ﺛﻼﺛﻴﻦ (30) ﻳﻮﻣﺎ

 

 ويتم تمديد الفترة إذا استدعت الضرورة ذلك عن طريق البرلمان وجوبا كما أشارت إلى ذلك الفقرة الثانية من نفس المادة "ﻟﻠﺒﺮﻟﻤﺎن أن ﻳﻤﺪد هذه اﻟﻔﺘﺮة"

 

ويمكن إعلان حالة الطوارئ للأسسباب المعروفة التي أشارت إليها على سبيل الإجمال المادة 39 من الدستور؛ مع كيفية إعمالها.

 

فالأمن الصحي ضرورة فرضها القانون ومن أجلها قد يتعين إعلان حالة الطوارئ (عباس الفاضلي دور الضبط الاداري البيئي في حماية جمال المدن دار السلام القانونية ص 213)

 

- القانون رقم 054/59 المعدل بالقانون رقم 009/73 الصادر بتاريخ  23/01/1973 المتعلق بحماية النظام العام, والمحدد للإجراءات الاستثنائية والصلاحيات الواسعة الممنوحة للرئيس في ظل إعلان حالة الطوارئ.

 

- القانون رقم 042/2010 المتضمن مدونة الوقاية والسلامة الصحية وينظم هذا القانون المنشور في العدد رقم 1228 من الجريدة الرسمية أحكام و "قواعد الصحة والوقاية والسلامة الصحية في الجمهورية الإسلامية الموريتانية وخاصة في الفضاءات العمومية والمساكن والمواد الغذائية ..." ويتمثل الهدف الرئيسي لهذا القانون في حماية وترقية الصحة العمومية" (حسب المادة الأولى منه).

 

- القانون رقم 2010/035 الصادر بتاريخ 21 يوليو 2010 الذي يلغي ويحل محل القانون رقم 2005/ 047 الصادر بتاريخ 26 يوليو 2005 المتعلق بمكافحة الارهاب, وقد صنف هذا القانون في المادة الأولى كجريمة إرهابية كل ما "يهدد استقرار الدولة والمؤسسات" و "يشكل خطرا على المصالح الحيوية للوطن" سواء كان ذلك حسب المادة 3 من نفس القانون "بهدف ترهيب السكان أو قهر السلطات العمومية" إضافة إلى "التسبب في انتشار مواد خطيرة من شأنها تعريض حياة الانسان للخطر" حسب المادة 5 من القانون سالف الذكر

 

- الأمر القانوني رقم 162/83 الصادر بتاريخ 9 يوليو 1983 الذي نص في المادة 57 منه  على وجوب الابلاغ عن الوقائع الموصوفة بأنها جناية أو جنحة ما لم يسبب ذلك له وللغير خطرا, علاوة على تجريم عدم الانصياع لأوامر القوة العمومية والعصيان والتمرد على أوامر السلطة، وذلك في المادتين 191 والمادة 194؛ كما  جرم في المادة 311 و 312 من نفس القانون "عرقلة أعمال الوقاية".

 

إلى غير ذلك من القوانين والمراسيم التي من أهمها - أي المراسيم- المرسوم المنظم للتفتيش الصحي والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية المخصصة للاستهلاك البشري- و الحقيقة أن كل النصوص والمراسيم لا تخلوا من أن تكون علاقتها بهذه الأزمة مباشرة أو غير مباشرة فالعلاقة بين النصوص علاقة تكامل وترابط .

 

2- أهمية هذه النصوص من حيث آثارها:

 

إن أهمية هذه النصوص تكمن أساسا في:

 

- منح الرئيس كامل الصلاحيات في التعامل مع المخاطر والأزمات, ومن أهم هذه الصلاحيات تعطيل القانون بالمفهوم الضيق وما يمنحه من حريات ومثال ذلك تعطل الحريات المنصوصة في المادة 10 من الدستور؛ وكل تلك الصلاحيات الممنوحة للرئيس في الظروف الاستثنائية محددة في القانون رقم 054/59 المعدل بالقانون رقم 009/73 الصادر بتاريخ  23/01/1973 المتعلق بحماية النظام العام

 

- ما ترتبه من جزاء على الإخلال بمضامينها ومن أهم تلك المضامين والجزاءات:

 

• الانصياع لأوامر السلطة والقوة العمومية وإلا فإن الجزاءات المترتبة على الاخلال بهذا الواجب تتمحور في العقوبات الجنائية التي "إما أن تكون بدنية ومخلة بالشرف..." (حسب المادة 6 من القانون الجنائي) أو عقوبات جنح وذلك تطبيقا (للمواد 1- 3 -4 - 5 من قانون مكافحة الارهاب) و (المواد 191 و194 و 311 و 312 من القانون الجنائي)

 

ويدخل في نطاق عدم الانصياع لأوامر السلطة:

 

- التهرب من الحجر الصحي والإخلال به؛ وقد يتوهم أن الحجر إخلال بالمادة 10من الدستور التي تكفل حرية التنقل، والرد على ذلك يكون من وجهين الأول أنه في الحالات الاستثنائية -الطوارئ- يتعطل القانون, الثاني أن المادة 10 التي كفلت هذا الحق نصت على أنه يمكن تقييده بالقانون "لا تقيد الحرية إلا بالقانون" والحجر يجد أصله في المادة 12 من مدونة الوقاية والسلامة الصحية التي تعالج منع انتشار العدوى عبر البر أو البحر أو الجو. فقد نصت المادة على أن "ذلك بغية الوقاية من انتشار الأمراض ..." 

 

وعقوبة الإخلال بالحجر تتراوح مابين الغرامة المالية والعقوبة البدنية والمتمثلة في الحبس لمدة 5 أيام فأكثر في حالة العود (حسب المادة 2 و 4 من المرسوم رقم 167/72 الصادر بتاريخ 3 أغسطس 1972 المحدد لدرجات المخالفات البسيطة وعقوباتها) مع ملاحظة أن هذا الإخلال إن كان بالقوة فالأحكام المطبقة عليه هي ما ورد في (المواد 191 و194 من القانون الجنائي والمادة 9 من قانون مكافحة الارهاب, أي السجن لمدة 15-30 سنة)

 

- إطلاق الشائعات المسببة للفزع وخصوصا المتعلق منها بالمعلوماتية (السيبرانية) والمنظمة أحكامها –الجريمة السيبرانية- في القانون رقم 2016/007 

 

- الحركة في أوقات حظر التجوال والمجرمة بالحبس من 8 أيام إلى شهرين أو بغرامة مالية, ويكون كل ذلك حسب السياق الذي قد ينقلها من جنحة إلى جناية.

 

- عدم التقيد باجراءات السلامة والوقاية الصحية –ولعل مما يدخل في ذلك صلاة الجمعة في الجوامع بغير إذن من السلطة- والمعاقب حسب قانون حماية النظام العام بالحبس من 8 أيام إلى شهرين أو بغرامة مالية, حسب التكييف.

 

- التسلل واجتياز الحدود المحظورة: يعاقب القانون رقم 65/064الصادر بتاريخ 23 فبراير 1965 المتضمن للمقتضيات الجزائية المتعلقة بنظام الهجرة هذا الجرم بعقوبة الحبس من شهرين إلى ستة أشهر، حسب المادة الأولى منه.

 

• وجوب الإبلاغ عن الإصابة بالأمراض المعدية (كورونا) المحددة بمرسوم حسب المادة 9 من القانون رقم 042/2010 المتضمن مدونة الوقاية والسلامة الصحية والتي تنص على أنه: "يلزم تبليغ السلطة الصحية عن أية حالة من الحالات الخاضعة للتصريح" وفي حالة الإخلال بهذا النص فإن العقوبات المقررة يتراوح تكييفها مابين الوصف الجنائي و الجنحي كما في النصوص التي تم استعراضها.

 

ب- ما نص القانون على إيجاده:

 

نص القانون على أنه في حال ما إذا داهم البلد خطرا أمكن إعلان حالة الطوارئ (المواد 39- 71 من الدستور) كما نص القانون رقم 042/2010 المتضمن مدونة الوقاية والسلامة الصحية في المادة 10 على أنه: "تحدد الأمراض التي تنطبق عليها أحكام المادة أعلاه فيما يتعلق بالتصريح بالأمراض المعدية, بموجب مرسوم يتخذ بناء على تقرير من الوزير الأول المكلف بالصحة العمومية"

 

ومن هنا أمكن القول بإلزامية إصدار مرسوم يحدد الأمراض الواجبة التبليغ وإعلان حالة الطوارئ أو تفعيل مقتضيات المادة 60 من الدستور والتي سنتعرض لها لاحقا.

 

 

ثانيا: الإخلال بالنصوص وعدم احترامها 

 

لارتباط القانون بالسياسة وتأثر كل منهما بالآخر لا يجد المرء بدا من الحديث في السياسة وإن اختلفت الزاوية التي يعالج منها القانوني تلك القضايا لذا سنكتفي بالتعليق من الناحية القانونية على جملة الإجراءات المتخذة من طرف السلطة التنفيذية، ثم نتعرض لأثر الإخفاق في إيجاد وخلق ما نص على إيجاده

 

أ- التعليق على الإجراءات المعلن عنها في البيانات والتعميمات

 

بدأت تلك الإجراءات بالبيان رقم ١ الصادر عن وزارة الصحة بتاريخ ١٣ مارس ٢٠٢٠ الذي تضمن الإعلان عن أول حالة للإصابة بمرض كوفيد ١٩ و طلب الالتزام بالإجراءات الوقائية، لتتسارع بعد ذلك وتيرة الأحداث وتتوالى التعميمات والتي منها تعميم وزارة الداخلية واللامركزية للولاة بإغلاق الحدود والقيام بالحملة التحسيسية، بالإضافة إلى تعميمات وزارة الشؤون الإسلامية؛ و كل هذه التعميمات والبيانات صادرة عن الجهة المختصة في الشكل المطلوب قانونا؛ إلا أنه جدير بنا أن نتوقف عند بيان وزارة الداخلية الصادر ١٩ مارس ٢٠٢٠ الذي تضمن حظر التجوال وحظر التجمع والتجمهر وإغلاق المطاعم والمقاهي والحقيقة أن هذا البيان معيب ويكرس الدولة البوليسية والتطاول على الحريات التي لا يمكن المساس بها ولا تقيد إلا بالقانون حسب المادة ١٠ من الدستور فاختصاص السلطة التنفيذية مقتصر على التنظيم أي ما هو خارج عن مجال القانون  وقد نصت على ذلك المادة ٥٩ من الدستور "اﻟﻤﻮاد اﻟﺨﺎرﺟﺔ ﻋﻦ ﻣﺠﺎل اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻣﻦ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﺴﻠﻄﺔ التنفيذية"  وهذا المجال محدد بالمادة ٥٧ وتدخل فيه الحريات العامة؛ علاوة على أن تقييد الحريات بالنظم مساس بمبدأ الفصل بين السلطات وانتهاك صارخ للمادة ٤٥ والمواد السالفة الذكر ومن هنا يكون البيان معيبا. فالأسلم للسلطة التنفيذية إعلان حالة الطوارئ طبقا للمواد ٣٩ و ٧١ من الدستور أو الأخذ بمقتضيات المادة 60 التي تنص على أن "للحكومة بعد وفاق رئيس الجمهورية ومن أجل تنفيذ برنامجها أن تستأذن البرلمان في إصدار أمر قانوني خلال أجل مسمى يقضي باتخاذ إجراءات من العادة أن تكون في مجال القانون"

 

ليتسنى لها القيام بإجراء كهذا؛ وينطبق نفس الحكم على البيان الصادر ٢٨ مارس عن نفس الوزارة.

 

 

ب- أثر الإخفاق في إيجاد وتحيين النصوص:

 

إذا كان المبدأ الذي تضمنته المادة 4 من القانون الجنائي هو "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص", فإن من البدهي أن غياب النص يؤثر على الجزاء الذي هو من أهم خصائص القاعدة القانونية لكونه يمثل الفرق الجوهري بينها وبين القواعد الأخرى. فما هو النص الذي أثر غيابه على غياب المسؤولية ؟

 

بالطبع هو المرسوم المحدد للأمراض الواجبة التبليغ؛ الذي بغيابه تتعطل كثير من الأحكام ولعل من أهمها عدم قيام المسؤولية المتعلقة بعدم التبليغ عن الإصابة بالوباء -كورونا-, لتعطل المادة 9 من القانون رقم 042/2010 المتضمن مدونة الوقاية والسلامة الصحية؛ إلا إذا ثبت القصد الجنائي فإن الجريمة تقوم وفقا للنصوص الجنائية.

 

 

ثالثا: تعاطي المواطن مع النظم القانونية والقرارات الاحترازية

 

أبان هذا الوباء عن اختلاف تعامل المواطنين مع القانون ؛ وهذه نتيجة طبيعية لتفاوت الالتزامات بالقوانين التي تكون بحسب ما أملتهُ الأعراف والقيم والظروف والبيئة التي تربى عليها المجتمع المعني، فاحترام القانون بحد ذاته يقع ضمن دائرة بناء المجتمع نفسه، وكيف ينظر إلى نظام الدولة التي هي مَن يشرّع ويرعى تطبيق القوانين والنظام العام، فإذا توفرت القناعة عند أغلبية الناس بأن نظرة الاحترام والمراعاة تملأ ما جاءت به الدولة من قوانين وأنظمة فإن النتيجة ستكون إيجابية للطرفين، أما إذا تخلل التخبط والازدواجية إدارة الدولة والمجتمع فإن الفوضى وعدم احترام القانون ستكون هي النتيجة.( صباح الطالقاني, احترام القانون والنظام العام, 8 نوفمبر, 2016, https://francheval.com/ar)

 

 ويمكن تصنيف المواطنين حسب مستوى احترام القانون إلى أصناف هي:

 

- الصنف الأول: يحترم القانون وهو قسمان:

 

• قسم له قناعة راسخة بأهمية احترام القانون وهم الصفوة؛ وهؤلاء يحترمونه لعلمهم أنه لمصلحتهم وإن توهموا التعارض بين المصلحتين.

 

• الثاني لا يحترمه كمبادئ وإنما يخشى الجزاء والردع.

 

- الصنف الثاني لا يعير القانون بالا كأنه في فلاة تبوأ منها منزلا قفرا، فهمه مصلحته الذاتية التي وبدن شك لن تتأتى بمخالفة القانون؛ وينقسم إلى:

 

• قسم يتذوق مخالفة القانون ويحسب ذلك بطولة.

 

• قسم علم أن عدم احترام هذه الإجراءات يعرض صاحبه للخطورة؛ ليست خطورة مخالفة القانون والمساءلة وإنما خطورة التعرض للمرض فكف عن مغامرة المخالفة.

 

- الصنف الثالث: صنف وسيط يحترم القانون مبدئيا إلا أنه ينتهكه بقدر الضرورة، ولعل هؤلاء هم من يعكس ضرورة ملائمة الاجراءات لواقع الحياة، فمادامت الحكومة لا تراعي حين إصدار مثل هذه الاجراءات أحوال طبقات المجتمع وخصوصا الهشة؛ فإن النتيجة الطبيعة هي تخلف احترام النصوص؛ والنصوص تخلق لتحترم وتطبق لا لأن يكون هناك انفصام بين الترسانة القانونية والواقع.

 

وبناء على هذا التصنيف وعلى رسالة وزير الداخلية للجهات الأمنية بتاريخ 22 مارس 2020 التي تضمنت الأمر بالتحفظ على أصحاب السيارات المخالفين لحظر التجوال داخل سيارتهم حتى الصباح؛ والتي جاءت بعد جولة قام بها فإنه يمكن القول بأن مستوى وعي الشعب واحترامه للتدابير الوقائية بصفة خاصة والقانون بصفة عامة لا يزال ناقصا ولعله هو حال حكومتنا التي ليست إلا جزءا من الشعب مع امتلاكها لصلاحيات تطبيق القانون.

 

فهل سنستغل فرصة أزمة كورونا لتكون بداية تعود وتأقلم مع احترام القانون بعد أن تعودنا تقييد بعض الحريات؟

تصفح أيضا...