النائب بيرام .. على خشبة المسرح / محمد عبد الله ولد سيدي

خميس, 20/02/2020 - 12:44

 
كان لقائي الوحيد مع بيرام ولد اعبيدي في منتصف سنة 2014 في استوديوهات إحدى القنوات المحلية الخاصة ، كان بيرام يجري مقابلة مع أحد الزملاء ، وكنت مشدوها ومندهشا ومصدوما من هول ما يطلقه بيرام من العبارات النابية والأوصاف العنصرية والقد حية اتجاه مكونة من الشعب الموريتاني ، لقد تابعت تلك الحلقة من داخل "La régie" ، وكنت الأقرب إليه من كل المشاهدين ، ولما أنهى المقابلة قررت  أن أتقدم إليه مسلما ومستفسرا عن سر هذا الشحن العرقي والعنصري و عند خروجه ، وبعد السلام عليه  بادرته بحزمة من الأسئلة حول مدى إدراكه لخطورة ما يرسله من كلام مدمر ومفتت للوحدة الوطنية والنسيج والروابط الاجتماعية ، ولم أكد أنهى أسئلتي حتى تحول بيرام بقدرة قادر إلى حمل وديع تعلوه البشاشة والهدوء ، وقال لي بالحرف الواحد ـ والله شهيد على ما أقول ـ  : إن هذا الكلام الذي كنت أقوله على الشاشة لا يعدوا كونه كلاما للاستهلاك وهناك من يريدني أن ألعب هذا الدور.
بعد تلك الأجوبة التي أدركت من خلالها أنه يؤدي دورا في "مسرحية سيزيفية " توقفت عن الاهتمام بما يقوله وأيقنت أنه كاذب كبير ، لم يعد يهمه إلا العوائد المالية لتلك الأدوار المخجلة التي يؤديها على خشبة مسرح العنصرية والشرائحية  المفتوح نحو المجهول ..!
جديد بيرام اليوم أن المطلوب منه بات أكثر و أكبر ، فبحسب شهادة السناتور ولد غدة يبدو أن بيرام أدى دورين منفصلين في نفس اليوم على خشبة نفس المسرح ، فقد أكد ولد غده أنه أمضى كامل يوم 18 يرتدي الدراعة ويدافع عن حقه من أجل أن يلقي كلمته باللغة العربية لغته الأم ، وفي نفس اليوم أدى دورا آخر في زي آخر ربما يناسب أكثر الدور الذي فرض عليه أن يؤديه كثمن للجائزة والتكريم .. خلال العقود الماضية حاولت حركة افلام العنصرية أن تركب نفس الموجة التي تغرق برام اليوم؛ والتقى وفد منها بزعيم جنوب إفريقيا ننلسن مندلا ، وقالوا له إن نظام الدولة الموريتانية نظام عنصري وشبهوه "بالبرتايد "، فوجه لهم مجموعة من الأسئلة كان من أبرزها ، هل تدرسون في نفس المدارس ، وهل تستغلون نفس الحافلات وتدخلون نفس المطاعم فكان جوابهم بنعم ، حينها فض ماندلا الاجتماع وقال لهم أنتم العنصريون ..!
اليوم يعيد بيرام نفس القصة وشبه نظام بلاده "بالبرتياد" ، لكن من محاسن الصدف أنه يقول هذا الكلام ، وهو نائب برلماني منتخب من الشعب ولا يمكنه أن يعرف في الواقع كم أبيضا أو أسودا منحه تلك المكانة ، وتلك محمدة ديمقراطية كافية لنسف ما يدعيه .
 في الحقيقة تكاد دولة العاق بيرام   تكون البلد الوحيد في المنطقة الذي يملك ترسانة قانونية متكاملة لتجريم الممارسات العنصرية ، وقد دُبّج ذلك في متن الدستور الموريتاني الذي جرم الممارسات الاستعبادية ووصفها بالجريمة التي لا تسقط بالتقادم ، ولم تقتصر جهود الدولة على النصوص فحسب ، بل تجاوزتها إلى إنشاء المنظمات المختصة في حقوق الإنسان والدفاع عنها ، كما أنشأت مندوبية وطنية لمحاربة آثار الفوارق الاجتماعية الناتجة عن التخلف والفقر وقد تجاوزت ميزانيتها 200 مليار أوقية  ، و حرص برنامج تعهداتي الذي قدمه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني للشعب الموريتاني على الاهتمام بالفئات الهشة والمهمشة ، من خلال سلسلة من البرامج السريعة ، تشمل التعليم والصحة ومحاربة الغبن ، وتلك أدلة قطعية تنفي ما ذهب إليه النائب بيرام من أن رئيس الجمهورية كان مرشح الأسياد وأبناء الذوات .
قال بيرام خلال هجومه على بلاده ، إنه خلال الانتخابات الأخيرة كان يجب أن يصل للسلطة لولا عمليات التزوير على حد وصفه ، وهنا يقفز إلى الذهن سؤال محرج ، لماذا لم يتحدث بيرام عن التزكيات المزورة التي خولته أن يصبح أحد المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية ، والتي هي بالمناسبة حقيقة وليست ادعاء كما يدعي هو حول نتائج الانتخابات.

تصفح أيضا...