هارفارد: الموسيقى هي اللغة العالمية للبشرية

ثلاثاء, 26/11/2019 - 12:45

منذ قرابة 200 عام، ذكر الشاعر الأميركي هنري وادزورث لونجفيلو أن "الموسيقى هي اللغة العالمية للبشرية". وقد تمكن علماء الأنثروبولوجيا وعلم الأحياء التطوري في جامعة هارفارد من إثبات صحة ما قاله لونجفيلو، حين عثروا على أنماط متكررة في الموسيقى تحمل سمات مشتركة في جميع أنحاء العالم. وقد نشرت دراستهم في دورية "ساينس" يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

التاريخ الطبيعي للأغنية
بحث علماء هارفارد في أوجه التشابه والاختلاف في الموسيقى العرقية لـ315 ثقافة مختلفة، إضافة إلى مجموعة جديدة من الأغاني العالمية، ووجدوا أن الهيكل الأساسي والعناصر اللحنية للأغاني تتشابه في جميع أنحاء العالم، وأنه يمكن التنبؤ بالسياق السلوكي للأغنية بمجرد معرفة ميزاتها الصوتية.

وقد قضى الفريق البحثي خمس سنوات في البحث عن المحفوظات والمكتبات والمجموعات الخاصة لتجميع قاعدة بيانات شاملة للأغاني من أجل إجراء المقارنات فيما بينها، أطلقوا عليها "التاريخ الطبيعي للأغنية".

ولم يبحث العلماء فيما هو متاح على الإنترنت فقط، بل توجهوا أيضا إلى التسجيلات المحفوظة في أرشيف مكتبة هارفارد، وزودتهم أمينة مكتبتها بـ20 تسجيلا لأغان محفوظة على بكرات بالطريقة التقليدية،  ليتمكنوا في النهاية من تجميع تسجيلات من 118 أغنية من 86 ثقافة تغطي 30 منطقة جغرافية.

كما سجلوا قاعدة بيانات إثنوغرافية كبيرة تضم 315 ثقافة، بحيث تختص كل ثقافة بنوع خاص من الموسيقى. وبهذا أصبح لديهم قاعدة بيانات تضم أكثر من 5000 توصيف لأغان مختلفة، بما فيها أكثر من 2000 ترجمة لكلمات الأغاني، من 60 ثقافة عبر 30 منطقة جغرافية.

ومن ثم شرع الفريق في فهرسة الأغاني وتحليلها، كتحديد الوقت الذي صدرت فيه كل أغنية، وعدد المغنين، وهوية الجمهور المستهدف، ومدى انتشارها، وإيقاعها وألحانها، وغير ذلك من المعلومات اللازمة لتوصيف هيكل الأغنية.

إشراك مواطني العالم
أطلقت جامعة هارفارد مشروع "مختبر الموسيقى" على الإنترنت لإشراك المواطنين في البحث في آلية فهم العقل البشري للموسيقى، وذلك بهدف تطوير تصور أشمل عن السمات الموسيقية المشتركة بين المجتمعات البشرية المختلفة.

ويؤمن القائمون على المشروع الذي يديره صامويل مهر عضو زمالة في مبادرة أبحاث العلوم وباحث في علم النفس بجامعة هارفارد، بأنه بغض النظر عن اللغة المحكية، يمتلك البشر لغتهم العالمية المشتركة في أغانيهم.

وقد جهز مختبر الموسيقى اختبارا ممتعا ومتاحا لكل من يرغب بالاشتراك في الدراسة، إذ يستمع المشاركون إلى الأغاني ومن ثم يطابقونها حسب نوعها كل من وجهة نظره الشخصية.

الموسيقى والحالة النفسية للمجتمع
وقد خلصت الدراسة إلى أنه لا يمكن تحديد موسيقى المجتمع وفقا للسلوكيات الثقافية، بل إنها نتاج للحالة النفسية الأساسية للمجتمع ككل، تلك التي تجعل أنواعا معينة من الصوت مناسبة لظروف اجتماعية وعاطفية معينة.

كما أن التعبيرات الاصطلاحية الموسيقية تختلف فيما يتعلق بالسمات الصوتية التي تستخدمها والمشاعر التي تحفزها. إلا أنها جميعا تعتمد على مجموعة مشتركة من الاستجابات النفسية للصوت، مما يفسر أوجه التشابه الموسيقية في الثقافات المختلفة، وهذا يشير إلى حتمية وجود شيء ما مشترك في أدمغة البشر عامة يمكّنهم من فهم الموسيقى والتفاعل معها.

 

المصدر : الجزيرة نت

تصفح أيضا...