العاهل المغربي: حان الوقت لمحاسبة المسؤولين

أحد, 30/07/2017 - 00:07

قال العاهل المغربي الملك محمد السادس، في خطاب ألقاه مساء اليوم السبت بمناسبة مرور 18 عاماً على توليه العرش، إنه قد حان الوقت لتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، منتقداً تصرفات بعض المسؤولين المغاربة وعجزهم عن القيام بالمهام الموكلة إليهم، مشيراً إلى أن "ضعف الحكامة" هو ما يعيق تقدم المغرب.
 
ووجه العاهل المغربي انتقادات قوية للمسؤولين والأحزاب السياسية، وقال في خطابه: "أنا لا أفهم كيف يستطيع أي مسؤول، لا يقوم بواجبه، أن يخرج من بيته، ويستقل سيارته، ويقف في الضوء الأحمر، وينظر إلى الناس، دون خجل ولا حياء، وهو يعلم بأنهم يعفون بأنه ليس له ضمير"، وأضاف في السياق ذاته: "ألا يخجل هؤلاء من أنفسهم، رغم أنهم يؤدون القسم أمام الله، والوطن، والملك، ولا يقومون بواجبهم؟".
 
وأعلن العاهل المغربي أن "المشاريع التنموية والإصلاحات السياسية والمؤسسية، التي نقوم بها، لها هدف واحد، هو خدمة المواطن، أينما كان. لا فرق بين الشمال والجنوب، ولا بين الشرق والغرب، ولا بين سكان المدن والقرى"، قبل أن يضيف: "صحيح أن الإمكانات التي يتوفر عليها المغرب محدودة. وصحيح أيضا أن العديد من المناطق تحتاج إلى المزيد من الخدمات الاجتماعية الأساسية، إلا أن المغرب، والحمد لله، يتطور باستمرار"، وفق تعبيره.
 
وأشار الملك إلى أن المغرب يعيش اليوم "مفارقات صارخة، من الصعب فهمها، أو القبول بها، فبقدر ما يحظى به المغرب من مصداقية، قاريا ودوليا، ومن تقدير شركائنا، وثقة كبار المستثمرين، كـ"بوينغ" و"رونو " و"بوجو"، بقدر ما تصدمنا الحصيلة والواقع، بتواضع الإنجازات في بعض المجالات الاجتماعية، حتى أصبح من المخجل أن يقال أنها تقع في مغرب اليوم".
 
وأكد أن الخيارات التنموية المتبعة في المغرب "صائبة"، إلا أنه أوضح أن "المشكل يكمن في العقليات التي لم تتغير، وفي القدرة على التنفيذ والإبداع، فالتطور السياسي والتنموي، الذي يعرفه المغرب، لم ينعكس بالإيجاب، على تعامل الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين، مع التطلعات والانشغالات الحقيقية للمغاربة"، وفق تعبيره.
 
وأضاف في هذا السياق: "عندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون، إلى الواجهة، للاستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة؛ أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الاختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه"، مشيراً إلى أنه "أمام هذا الوضع، فمن الحق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانون هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟".
 
وقال العاهل المغربي: "إذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟"، قبل أن يضيف: "لكل هؤلاء أقول "كفى، واتقوا الله في وطنكم... إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا. فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون"، وفق تعبيره.
 
وخلص العاهل المغربي إلى القول: "هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، لأن الأمر يتعلق بمصالح الوطن والمواطنين. وأنا أزن كلامي، وأعرف ما أقول ... لأنه نابع من تفكير عميق. عندما يقوم مسؤول بتوقيف أو تعطيل مشروع تنموي أو اجتماعي، لحسابات سياسية أو شخصية، فهذا ليس فقط إخلالا بالواجب، وإنما هو خيانة، لأنه يضر بمصالح المواطنين، ويحرمهم من حقوقهم المشروعة".
 
وفي سياق تعليقه على أحداث الحسيمة، قال العاهل المغربي: "لقد أبانت الأحداث، التي تعرفها بعض المناطق، مع الأسف، عن انعدام غير مسبوق لروح المسؤولية. إن بعض الأحزاب تعتقد أن عملها يقتصر فقط على عقد مؤتمراتها، واجتماع مكاتبها السياسية ولجانها التنفيذية، أو خلال الحملات الانتخابية. أما عندما يتعلق الأمر بالتواصل مع المواطنين، وحل مشاكلهم، فلا دور ولا وجود لها. وهذا شيء غير مقبول، من هيئات مهمتها تمثيل وتأطير المواطنين، وخدمة مصالحهم".
 
وشدد الملك محمد السادس على أن "تدبير الشأن العام، ينبغي أن يظل بعيدا عن المصالح الشخصية والحزبية، وعن الخطابات الشعبوية، وعن استعمال بعض المصطلحات الغريبة، التي تسيئ للعمل السياسي"، مشيراً إلى أن "تراجع الأحزاب السياسية وممثليها، عن القيام بدورها، عن قصد وسبق إصرار أحيانا، وبسبب انعدام المصداقية والغيرة الوطنية أحيانا أخرى قد زاد من تأزيم الأوضاع"، وفق تعبيره.
 
وفي ختام خطابه قال الملك محمد السادس: "شعبي العزيز، إني أعتز بخدمتك حتى آخر رمق، لأنني تربيت على حب الوطن، وعلى خدمة أبنائه، وأعاهدك الله، على مواصلة العمل الصادق، وعلى التجاوب مع مطالبك، ولتحقيق تطلعاتك".
 

تصفح أيضا...