نص خطاب الوزير ولد محم الذي ألقاه أمام المؤتمرين العرب

اثنين, 29/04/2019 - 19:11

بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم

السادة الوزراء

السيد المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم

السادة الحضور

ضيوفنا الكرام

قد يبدو من نافلة القول هنا الاستهلال بالترحيب بكم، باسمفخامة رئيسالجمهوريةالإسلاميةالموريتانيةوحكومتهاوشعبها،وباسميشخصيا، في بلدكم موريتانيا، فأنتم بين أهليكم وذويكم، محلُ ترحيب وتكريم وتقدير دائم، ترحيبٍ يعكس حجم أواصر الدين والدم والثقافة والتاريخ، التي تربط بين المشرق والمغرب العربيين.. فمرحبا بكم هنا في نواكشوط، حيث صناع التاريخ وكتبته، وحفظة القرآن وأهل العلم وخاصته، وحيث تأوي هذه البلاد إلى ركن شديد من الدين الحنيف، والتاريخ العظيم.

مرحبا بكم هنا، حيث حملت المطايا من هذه البادية العالمة مشاعل ضياء جابت أصقاع الدنيا، نشرا للعلم، وبثا للمعرفة، على ظهور العيس، وتحت الأراك وواحات النخيل ذات الطلع النضيد، فأسسوا محاظر انفرد بها أهل هذه الصحراء، فكانت جامعاتٍ متنقلةً تجوب البيداء، وتبث العلم في كل أرجاء المعمورة،

أيها السادة والسيدات

إن اجتماعكم هذا ينعقد على مرمى حجر من رباط عبد الله بن ياسين، حيث انطلق المرابطون، تدك سنابك خيلهم حصون الجهالة، زارِعين النور في غياهب القارة الإفريقية، وناشرين ضياء العلم والمعرفة، ورافعين راية التوحيد في ربوع طالما سادها الظلام، وأطبق عليها حالك الجهل والوثنية حقبا عديدة وأزمنة مريرة، فحولوا إمبراطورية غانا الوثنية إلى مملكة مسلمة، لا يُعبد فيها إلا الله، بما أذن وشرع، وحصنوا الأندلس ردحا من الزمن، بعد أن كادت تتهاوى تحت وطأة صراعات ملوك الطوائف، وأخروا سقوطها قرونا عديدة

 

ومن هنا، من هذه الربوع، نهضت الدولة الإمامية في منطقة فوتا، فامتد إشعاعها حاملا الإسلام والعربية إلى كل غرب إفريقيا، ونَشَر أئمتها وعلماؤها الدين الحنيف، ووطدوا أركان دولة إسلامية بسطت نفوذها على أقطارٍ واسعةٍ، فكانت ذات حظ عظيم من الحضارة، ونصيب معلوم من الازدهار.

فلا مراء إن قلنا حقا ـ والحق أحق أن يتبع ـ إن من بين كل أبناء هذا البلد على اختلاف ألسنتهم وألوانهم، وتنوع فئاتهم، وتعدد أعراقهم، قادةَ فكر ورأي، ومصلحين ومعلمين عرفتهم البشرية في شتى مضاربها، مربين وحافظين لحدود لله، وناشرين العلم والمعرفة، لا يثنيهم قيظ حر، ولا زمهرير صقيع، عن إفشاء العلم وإشاعة قيم الخير والاعتدال والتسامح بين الناس، أينما حلوا وحيثما ارتحلوا.

 

أيها السادة والسيادات

هل في عالمنا العربي من لم يسمع عن الشناقطة، أو يقرأ لهم أو عنهم، حين انتعلوا الصحراء مغربين ومشرقين، يمخرون عباب اللجي، حاملين زاخر العلم ووافر المعرفة، فتركوا رسمهم شاهدا عليهم، وكانت بصماتهم جلية في الزيتونة، واضحة في الأزهر الشرف، متألقة في العراق والأردن والسودان، ناصعة في الحجاز وسائر الجزيرة العربية، وكانت قبل هذا وذاك صلة قرابة معلومة، وارتباطا تاريخيا مشهودا بالمشرق العربي، في عُمان واليمن وغيرهما، حيث تتداخل الأنساب هنا وهناك، وتتشابك أواصر القربى، وإن نأت الدار وشط المزار.

 

 

 

إن هذا الدور البارز والإسهام الجلي لبلادنا عبر القرون في المسيرة العلمية والثقافية والحضارية للأمة العربية، يؤهل بلدنا اليوم لأن يلعب دورا محوريا في هذه المنظمة العربية الجامعة، ذات الدور الأساسي في بناء الإنسان العربي المتطلع لغد أفضل، مع تمسك واعتزاز بماض مجيد، ساهمنا جميعا في إرساء دعائمه، ليبقى هذا العربي شاهدا على الناس كما كان أسلافه، ينشر العلم والثقافة، ويبشر الإنسانة بالسلم والأمان، لعل وعسى أن تنهض بعهد الله في استعمار الأرض والاستخلاف فيها، على بينة من العلم، وقبسٍ من الإيمان.

 

 

أيها السادة والسيدات

إنني إذ أعود كما بدأت أول مرة ـ والعود أحمد ـ لِأرحب بكم في بلدكم وبين أهليكم وخلانكم، أتمنى أن تكلل أعمالنا بالنجاح، ونوفق جميعا لما يلبي الطموحات، ويستجيب للتطلعات، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

 

 

 

 

تصفح أيضا...