بعد انهيار النظام الصحي في بلادهم.. يمنيون يعالجون آلامهم في الخارج

خميس, 12/03/2020 - 11:03

تبدو "شهد" غير مرتاحة على الإطلاق في جلستها على كرسي بجانب سريرها في مستشفى بالعاصمة الأردنية عمان وقناع الأكسجين على وجهها. فقد خضعت الفتاة اليمنية (13 عاما) لعملية في القلب قبل أيام قليلة، ويريد الأطباء منها أن تقضي بعض الوقت جالسة وليست مستلقية على ظهرها.

تحاول الممرضة والطبيب ووالداها تقديم المساعدة لها، حيث وضعوا وسادة خلف ظهرها لتتمكن من الجلوس بشكل مستقيم، إلا أن وجهها لا تبدو عليه علامات الارتياح.

وكانت شهد واحدة من بين نحو 30 مريضا نقلتهم منظمة الصحة العالمية جوا من صنعاء الشهر الماضي، وكانت هذه هي أول رحلة جوية لنقل المرضى المحتاجين إلى تدخل طبي عاجل منذ إغلاق مطار العاصمة اليمنية صنعاء قبل أكثر من ثلاث سنوات من جانب "تحالف دعم الشرعية" الذي تقوده السعودية.

رعاية طبية في الخارج
وتحل في مارس/آذار الجاري الذكرى السنوية الخامسة لتشكيل التحالف من جانب السعودية وحلفائها لمحاربة المليشيات الحوثية المدعومة من إيران، والتي سيطرت على صنعاء والمناطق المحيطة بها أواخر عام 2014.

وأعلن التحالف في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أنه بصدد السماح بإقلاع رحلات جوية لنقل مدنيين ممن يحتاجون إلى رعاية طبية في الخارج من صنعاء.

وتعاني شهد من متلازمة الأحشاء المبهمة الموضع، وهو عيب خلقي يؤثر على القلب وأعضاء أخرى، ويتسبب في تضخم الطحال لديها بصورة كبيرة.

ويستذكر طبيبها أشرف الشامي تفاصيل العملية الجراحية التي خضعت لها واستمرت تسع ساعات، ويصفها بأنها "كانت عملية معقدة للغاية".

ومن المتوقع أن تشعر بالتحسن في غضون عام، مع إعادة تكيف أحشائها.

أما والدها خالد الحارثي فيصف الساعات التسع التي استغرقها إجراء العملية بأنها "كانت الأصعب في حياتي"، ويضيف "اسألوا الأطباء كيف كنت أبكي".

ويضيف "في اليمن، ذهبنا إلى مستشفيات عدة على مدار سنوات، والإجابة كانت واحدة دائما (لا علاج لها هنا، ولا يمكننا إجراء العملية)".

وقبل عامين، تقدمت الأسرة بطلب للسلطات في صنعاء للسماح لها بالعلاج في الخارج. وكادت الأسرة لا تصدق نفسها عندما جرى العام الماضي نقلها أخيرا إلى فندق بانتظار السفر. إلا أن الأمر استغرق أربعة أشهر أخرى حتى سافرت بالفعل.

وقد تسبب الصراع في اليمن في سقوط الآلاف من القتلى أو الجرحى، كما أدى إلى حركة نزوح واسعة وانعدام الأمن الغذائي، فضلا عن إلحاق أضرار بالبنى التحتية للتعليم والصحة، إلى جانب تفشي الكوليرا والدفتريا (الخناق).
 

فرص للعلاج
وفي العام الماضي، أعلنت الأمم المتحدة أن نحو 20 مليون شخص، يمثلون 75% من سكان البلاد، لا يحصلون على الرعاية الصحية الكافية، وأن 51% فقط من المرافق الصحية تعمل بكامل طاقتها.

وفي طابق آخر في المستشفى الموجود بالعاصمة الأردنية عمان، ينتظر عباس المحرق أن يقرر الأطباء خطة علاجه للمرحلة القادمة، والسؤال هو هل سيحصل على علاج كيميائي مرة أخرى لعلاج سرطان الغدد الليمفاوية الذي يعاني منه؟ أم سيخضع لزرع خلايا جذعية؟

وكان الأطباء شخصوا إصابته بالمرض عام 2011، وسافر لتلقي العلاج عدة مرات قبل أن تشتد الحرب عام 2015.

ويقول المحرق "منذ ذلك الحين كنت في الانتظار وأتلقى فقط أدوية مؤقتة في اليمن".

وبينما يتوقع المحرق البقاء في المستشفى لبعض الوقت، فإن الطفلة منال التي تبلغ من العمر خمس سنوات تتوقع أن تخرج من المستشفى قريبا.

ورغم ذلك، فإنه من المتوقع أن تظل عائلتها في عمان لعدة أشهر من أجل المتابعة.

لقد كانت الطفلة تبلغ من العمر عاما واحدا عندما تعرضت لخلع في الكتف بينما كانت تلعب مع شقيقها الأكبر، مما تسبب في تلف شديد بالعضلات. وخلال رحلة العلاج المستمرة منذ أربع سنوات، تنقلت الأسرة من مستشفى إلى مستشفى، بين مدينة عمران (شمال غرب العاصمة صنعاء)، حيث تعيش، وبين صنعاء.

ومنذ عام 2017، تنتظر الأسرة فرصة للعلاج في الخارج، وجرى إبلاغها أكثر من مرة بالقدوم إلى صنعاء حتى تتمكن من السفر، إلا أن الرحلة كانت تتأجل دائما.

العلاج في دول التحالف
ويروي والدها عبد الله لطف الله ما كان يحدث، فيقول "أصبحنا يائسين.. وظللنا نطلب منهم إرسالنا إلى أي مكان، إلى الهند أو تركيا أو أي دولة عضو أخرى في التحالف".

وخضعت الطفلة في عمان بالفعل لعملية زرع عضلات. وستظل تحت المتابعة لمدة شهرين قبل أن تبدأ رحلة العلاج الطبيعي.

ووفقا للطف الله فإن طفلته ظلت لسنوات غير قادرة على تحريك كتفها ولم تكن تستطيع النوم من شدة الألم، واصفا المرافق الصحية في عمران بأنها "مروعة".

ويضيف لطف الله، وهو مزارع (35 عاما) "في عمران، لا يوجد علاج طبيعي، ولا توجد أجهزة رنين مغناطيسي، ولا يوجد أي علاج مناسب على الإطلاق".
المصدر : الألمانية

تصفح أيضا...