هل رئيس الجمهورية ملزم بنشر التصريح بممتلكاته ؟ /إكبرو محمد الصديق

اثنين, 30/12/2019 - 17:16

 

مساهمة في النقاش الدائر حول ما إذاكان رئيس الجمهورية ملزما بنشرالتصريح بممتلكاته وممتلكات أبنائه غير البالغين ، أرى بادئ بدء ، قبل الشروع في تحليل مقتضيات القانون ذي الصلة، أنه فيما يتعلق بالحالة التي بين أيدينا، قد لا يكون محرجا بالنسبة للرجل أن ينشر هذا التصريح لسببين بسيطين ؛ أولهما أن أملاكه وأملاك أبنائه غير البالغين ليست بالضخامة التي يمكن أن تفاجئ الملاحظين وثانيهما أن أسرته لم تكن فقيرة في يوم من الأيام ، بل تشهد على أملاكها العقارية والمنقولة ، منذ عشرات السنين أغلب أنحاء موريتانيا ( آدرارـ تگانت – لعصابة - الحوض الغربي...)

أما بخصوص مقتضيات القانون 054/2007 المتعلق بالشفافية، فقد يرى القارئ لحرفيتها أن المادة 2 منه تلزم رئيس الجمهورية بالتصريح بممتلكاته وممتلكات أبنائه غير البالغين بعد تسلمه مقاليد السلطة وعند انتهاء مأموريته ومن ثم نشرها بصورة مفصلة، ولا شك أن هنالك فرقا بين الظرفين ( بعد  ) و ( عند ) من حيث الفورية .

أما بالنسبة للقارئ المتعمق في دلات هذا القانون والمتفحص لشكله والمتابع لمسار تطبيقه، منذ إصداره بتاريخ 18  سبتمبر 2007  أي منذ ٬ما يربو على ثلاث عشرة سنة فقد يكون له رأي آخر ، وبالنسبة لي أرى أنه :

1- من حيث الدلالات ، لا يمكن تصور أن المشرع  قصد أن يميز من زكته غالبية الشعب الموريتاني،  بإلزامه إكراهًا٬ بما لم يلزم به من هم دونه ٬ من المعنيين في هذا القانون ، ابتداء  من رئيس الوزراء والنواب إلى آخر وكيل أو منتخب ، ولعلي قرأت لأحد المدونين ، تعليلا- حسب رأيه - لهذا التمييز  المفترض، حيث يرى أن رئيس الجمهورية منتخب مباشرة ٬من طرف الشعب وعليه أن يتوجه إليه مباشرة بالمكاشفة، وإذ لا اعتراض على هذا الرأي من حيث المبدأ ، إلا أن السؤال المطروح ، [ وهل النائب البرلماني ليس منتخبا مباشرة من طرف الشعب ؟ * ]، ثم إذا كان أحد أولى بأن تحفظ أسراره ويمنح حصانة وطنية فهو رئيس الجمهورية الذي أولاه الشعب ثقته لتبوؤ أسمى منصب في الدولة. 
إذن التصريح بالممتلكات بالنسبة لرئيس الجمهورية ،عنه وعن أبنائه غير البالغين، لدى الهيئة ذات الصلة والإعلان عنه كخبر في وسائل الإعلام ثم نشره ٬موثقا في الجريدة الرسمية دون تفصيل، أمر وارد ، أما نشره بالتفصيل في وسائط التواصل الاجتماعي ليكون في متناول  من هب ودب وعرضة لتعليق أي فضولي فلا شك أن المشرع لم يقصده ولا أدل على ذلك من أن الفقرتين 2و3  من المادة 11  من نفس القانون والتي تعتبر أعم وأشمل ٬من المادة 2  ، جاءتا لتعزز ا هذا الفهم ؛ حيث تنص الفقرة 2 على  أن « اللجنة تضمن الطابع السري لهذه التصاريح...» أما الفقرة 3  فتنص على أنه          « لايمكن  أن يعلن فحوى التصاريح المودعة إلا بإذن واضح من المصرح أو من ورثته أو بطلب من السلطات القضائية ».

2- من حيث الشكل ، النسخة العربية من القانون 054/2007  حول الشفافية والتي يفترض أنها الأقوى من حيث الحجية، ميزها ضعف كبير من حيث البنية وأسلوب التحرير ، مما نجم عنه غموض لا تخطئه العين في بعض الجمل والصيغ ٬ من الأمثلة على ذلك :
- في المادة 2     « يقوم رئيس الجمهورية بعد تنصيبه وعند نهاية مأموريته بتصريح بممتلكاته وممتلكات أطفاله القاصرين »( لدينا تصريح واحد ) «وينشر هذين التصريحين » ( في الجملة المعطوفة تصريحان ).
- في المادة 12  الفقرة 3 صيغة « أتاحت » من فعل( أتاح) في الماضي غير مناسبة وإنما المناسب صيغة المضارع المقابلة لها .
- في المادة 13  الفقرة1 ، صيغة «استدعت» من فعل استدعى، غيرمناسبة وإنما المناسب الصيغة المقابلة لها في المضارع.
3- من حيث مسار  تطبيق القانون054/2007  منذ صدوره قبل ثلاث عشرة سنة
هذا القانون يكاد يكون ولد ميتا لأنه ظل شبه معطل، إذ لم نسمع أن موظفا ممن تشملهم المواد  3,4,5,6 أعفي من منصبه بقوة القانون، لأنه لم يدل بتصريح حول ممتلكاته، حسب ٬ما تنص عليه المادة 14  من القانون، كما لم نسمع أن منتخبا منع من أن يعاد ترشيحه لمنصب انتخابي لأنه لم يقدم تصريحا بممتلكاته حسب ما تنص عليه المادة 15 من نفس القانون.

والله ولي التوفيق

———————————-

*القانون صدرقبل التعديلات الأخيرة التي أصبح بموجبها النواب الذين يمثلون الجاليات في الخارج ينتخبون بصورة غير مباشرة

تصفح أيضا...