افتتاحية حزب الصواب حول اليوم العالمي لمحاربة الرق

اثنين, 02/12/2019 - 14:13

في الْيَوْم العالمي لالغاء جريمة الرّق والمعاملات المهينة للكرامة الانسانية الموافق للثاني من دجمبر 1949 يحسّن بِنَا ان ننبه الى خطورة الكلام المتكرر عن الإصلاح والتغيير ومواجهة المعضلات الحقيقية  دون ان يجد هذا الكلام طريقه الى ارض الواقع، لنبقى كما كنّا تحت صدمة الخيبة في الف امل كاذب انتظرناه وظلت لجج سرابه تزول عند الاقتراب منه كل مرة.
فما فائدة القوانين والوكالات والصناديق اذا استمرت المشاكل التي أسست لمعالجتها، ولَم نشاهد  غير ما كنّا نشاهد!؟ خصوصيا حين لا يكون السبب نتيجة سلوك صادر من مسؤول هنا او هناك وإنما سياسة عمومية تعتمدها الدولة واجهزتها المختلفة، اعتمادا على جهازنا الاداري والمخزني العتيق الذي شكلت أعطابه البنيوية اكبر عوائقنا وظلت اعطابه تتغذى على إعطاب نظامنا الاجتماعي المأزوم العصي على الإصلاح، رغم انه لم يوجد الى حد الساعة مشروع على طاولة الدولة الموريتانية لاصلاح الادارة في فسادها وتخلفها وظلامية سلوكها الذي ورثته الدولة ( المستقلة ) من دولة المتروبول لقهر مواطنينا وترويعهم وتركيعهم، فكما كانت فرنسا تستخدم مجنديها من ( البارتيزان) و( الكوم) و ( المهاريست)والجنود المجلوبين لقهر المواطنين وترويعهم وكسر ارادة الحرية في نفوسهم، ظلت دولة الاستقلال تتبعها شبرًا بشبر وذراعًا بذراع و تشكلت نواة إدارتها منذ الاستقلال على كتلة غاشمة لبنية مجتمع تعكس مجتمع ما قبل الدولة يتوارثها اجيال التكنوقراط وشيوخ القبائل يعرضون خدماتهم على كل (سلطة)  مقابل تركهم  يتنفذون ويربحون ويمارسون الظلم في دهاليز  السلطة الأمنية والمالية ويقفون بقوة أكتافهم المبنية على انين المرضى والمعيدين  والمهمشين، يقفون بقوة بوجه كل تفكير يستلهم قيم الحضارة ، ويواكب التطورات والمتغيرات العالمية ، ويرفد منظوماتها بمصادر وأدوات التجديد،  بما يسهم في اعداد جيل من الإداريين  ورجال الدولة قادر على أن يتصدى لتيارات التخلف والتردّي والتراجع والتجهيل والفساد والافساد والإفقار المادي والمعنوي والاخلاقي وفرض تطبيق قوانين الجمهورية المتعلقة بآفات المجتمع واخطرها جريمة الرّق وآثاره وانفاذ قوانين الجمهورية المعدة لمواجهته.
 ولن يكون الامر متاحا الا باصلاح جذري لهذه الادارة وتفكيك بيضة دائها العضال  وتنظيفها بالقيام باصلاح شامل  يبعدها عن الصراع على السلطة وشهوة تحويل المرفق العمومي لصالح المرفق الخصوصي والتشدد في تطبيق قوانين الجمهورية المرتبطة بالاستعباد وعقليات إهانة  الانسان الهاجعة بقوة في النفوس والعقليات، وما يسعى اليه معسكرها من (تفوق) ومزايا لا يبررها الجهد ولا الذكاء الفردي.  
فمهما وضعنا من خطط وصممنا من سياسات وبرامج إصلاح لن يتم التغيير الا بإدارة جديدة واليات إنفاذ  القوانين مغايرة لما لدينا الْيَوْم،  عملا بالمثل : ان العصا لن تجعل  أبدا من الحمار  فرسا.

تصفح أيضا...